الصرخة الثانية عشرمسحت دموعي على عجالة على إثر صوت والدتي وتوجهت بسرعة إلى مرآتي وحاولت أن أصلح ما يمكن إصلاحه برجفة .
ــ ريم ماما إطلعي كلي شي .
ـــ مابدي شي إمي بنزل ع الغدا .
ـــ لك ماما من إمبارح ما ذقتي شي إطلعي الله يرضى عليكي .
التزمت الصمت كنت أريد أن افتح الباب كي أتفاهم معها بخصوص رغبتي ولكني كنت أخشى ان تفضحني عيناي ولكني آثرت الصمت وليتني لم أفعل فقد سمعتها تقول وبنبرة غاضبة :
والله ما عرفت ربي !!
كانت هذه الكلمـــة أقسى علي من حد السيف ، لم أسمعها ولم أسمع مثلها من قبل وبسرعة وضعت الكحل الأسود ورفعت شعري المسدل على كتفي وخرجت مسرعة على إثر والدتي ونزلت ووجدتها تجلس مع والدي في الصالة وعلى الطاولة بينهما أصناف من الطعام لم أعري لها إهتماما وكانت والدتي تجلس غاضبة ووالدي يستمع إليها بإهتمام وهي تشكينيه فنزلت بسرعة وقبلت رأسها وهي معرضة وقلت لها :
ــ صباح الخير ماما
كنت أعرف بأن أي كلمة انطق بها الآن لا فائدة منها ، فتوجهت إلى والدي وقبلت له رأسه وعندما أمسكت يده حتى أقبلها قال لي :
ــ ريم ليش مزعلة إمك ؟؟
تسمرت مكاني ابحث عن رد عن مهرب عن أي شيء ، المهم الآن أن لا أدع والدي يغضب لغضبها لذلك لابد أن ترضى عني فنظرت إلى والدتي وقلت لها :
ـــ بوس روحك يا إمي لك والله ماني مشتهية شي .
ـــ إلك مدة لا بتاكلي متل العالم ولا تحكي متل العالم ولا بتطلعي متل العالم شو مفكرتني بشوفك واسكت .
ـــ مين قالك ما باكول ما أنا نمت متأخرة وفأت متأخرة وهلا شربت حليب من غرفتي ولسا الغدا راح ينحط وراح أكول يعني بس قلتلك ما بدي يعني ما صرتي عرفتي تربي ؟؟؟
ـــ ليش المسألة مسألة اليوم ؟؟
تقدمت من والدتي وقبلت رأسها ثلاث مرات متتالية وقلت :
ــ حبيبتي إنتي ما أنا باكول بالمجلة ومابطلع لأني بكون تعبانة من الشغل ،
التفت إلى والدي علي أجد منه مساندة أو أي كلمة يدافع بها عني أو يقطع هذا الحوار الجاف وإذا به منشغل عن حوارنا بقرأة الجريدة وكأن الأمر لا يعنيه مع أنها ليست إلا طريقة للهروب وإلا فهو معنا وسوف يبدي رأيه القاسي إذا ما انتصرت في الحوار فشعرت بصعوبة دوري فتوددت من والدتي :
طيب لك مو تكرم عيني شو ما عاجبك وراح غيره من عيوني ، يمكن كون ماني واعية على حالي .
نظرتني بنظرة شك وقالت :
ــ شوفي ملابسك يلي كانو ديقين عليك هلا صاروا واسعين كتير وما بيلبقولك ، ووشك صاير أصفر متل الليمونة لك انا من وين لوين بتجلسي معي ، والتلاجة يلي بغرفتك ما بينقص منها شي بنوب ، أغلب الوجبات ما بتجي تاكلي معنا ، ولا بتخرجي مع بنات عمك ولا رفقاتك ولا تحكي مع أخوالك شو بك شو صاير ؟؟؟
اذا كان الشغل تاعبك بلاه ، وإذا زاعجك هاد أبوكي بيدورلك على شغل تاني .
كانت كلماتها ترعبني على نفسي أحسست بأني على شفى حفرة من الموت وهي خايفة تحاول أن تساعدني كي أساعد نفسي علي لا أسقط ، ما كان يزعجني كلام والدتي بالدرجة التي كان يزعجني وجود والدي حيث يتواجد كلام والدتي فرددت عليها :
ــ والله كل هاد ؟؟؟ والله ما منتبة على حالي .
كان ردا يحسب علي لا لي شعرت بأن ردي سوف يخسرني الحوار فتوترت كثيرا تمنيت أن تأتي جدتي ، أن يدخل خالي ، أن تأتي (ماري ) أن يرن الهاتف ، مابالهم جميعا الآن غائبون ولماذا يصمت الهاتف أيضا الآن بينما تعودنا على صراخه المتواصل ، وتابعت أمي تقول :
ـــ ويعني مابدك تاكلي ما بتطلعي تسلمي على أهلك تشوفيهن لساتهم عايشين وإلا لا ؟؟؟
ما بتعرفي تفتحي الباب وتقوليلي يا إمي مابدي ؟؟؟
كانت بالفعل على حق ، ولكني يجب أن أرد عليها فهذه العبارة جعلت والدي يتنفس الصعداء خصوصا أن والدتي قالتها بعصبية لم نعهدها ونكست رأسي عاجزة عن أي ردة فعل حيال كلماتها والتي تابعت تقول بعصبية لم تشفق بشعوري بالذنب :
ـــ شو راح ارجع ربي من جديد ؟؟؟
هنا شعرت بأن الحوار وصل قمته وأنه إذا ما احتدم أكثر فإنه سوف يشنقني فوالدي ألقى بالجريدة جانبا متوافقا وعصبية الموقف شعرت بالضعف فقد خسرت الحوار وضعت يدي على وجهي وجلست على ركبتي أمام أمي وأنا أبكي وقلت لها :
ـــ معك حق ، أنا آسفة آسفة كتير .
لم أعرف أمي يوما هكذا ، ولم تعرفني هي الآخرى كذلك ، إذا أنني كنت متعودة أن أقضي على أي عصبية بنكتة أو دعابة تنسيها خطأي ويجعلها تتجاهل زلتي ، أما وقد اصبحت لا أشتهي مداعبة أحد ، سمحت لها أن تصفعني بكلماتها وربما واصلت تأنيبي لأنها ترى أمامها واحدة ليست إبنتها التي تعرف لو لم أجلس أمامها ابكي لكانت صفعة والدي ستبكيني ولكنهما ضعيفان أمام دموعي فقامت والدتي وجلست هي الآخرى مقابلة لي في الوقت الذي صعد فيه والدي إلى غرفته وحضنتني وقالت :
" ريم حبيبة قلبي ، احكيلي شو بكي ؟؟؟
في حدا زاعجك ، في شي حبيبتي وبدك تحكيه ؟؟؟
لك والله ما بتهوني علي شوفك هيك ، بهون عليك تعذبيني بيكفي فيصل بعيد عن العين
وانتي عايشة معنا وبحسك ابعد منه ؟؟؟
كانت تقولها وهي تحضنني بقوة واشعر بأنها كانت كمن يعض على إصبعه وهي تأنبني كانت صائبة في كل كلمة قالتها ولكن لو لم تقلها أمام والدي ....فقلت لها وأنا أنتزعها من أحضاني وأمسح دموعي المختلطة بالكحل العربي الذي أضعه :
ـــ خلاص يا إمي ، إنت لا تشغلي بالك فيصلو منيح وأنا كمان منيحة والله ما بني شي وميشان برهنلك إنه ما في شي راح كون موجودة بكل الوجبات وكل الطلعات والروحات والجيات وما راح زعلك المهم تكوني راضية أنا مالي غيرك .
نظرت إلي نظرة رضا وابتسمت باطمئنان ونظرت إليها وتابعت بحرقة :
ـــ لساتك شايفة إنك ما عرفتي تربي ؟؟؟
/
/
/
يتبــــــــــــــــع /
/
/